النجوم لا تتشرد أختاه/بقلم الشاعر المبدع/عبد الكريم اليوسفي

النجوم لا تتشرد أختاه

حصار وجهك أختاه

يداهمني كما يداهم الخريف

نوافذ بليدة ..

أعرف أن النجوم لا تتشرد

وأنه إن حزبتني أمور أدير ظهري لنخلة تليدة

كيف سقطت بمديتني ..

هل عرفت أن النجوم لا تتشرد؟..

ولا تتردد

في مسيرها ..

كالعمر الجديد تأتين..

لأمنحك أرض الشيح ..

التي تفوح بداخلي ..

وأرتاح أنا تحت ظل قطعة من أمي..

الأرض التي مازلنا ننبت سنابل قمح على أناملها..

مجدولة كالثلم الذي كان يخطه أبي ..

كالتلاع التي كانت تحرسها عيناه..

وكالقلاع ..

كالصلاة ..واسعة كالفلاة

كالحبال ..وتنحني لها في حزمها الجبال

فاجاتني ثورة

حين تغرب الخريف بداخلي

ونام العشب كما ينام هنا سيد

مات وحيدا ..

بعيدا عن غبار المعارك ..

بدون جراح ..

بدون أفراح..

نعم كان الدم عرسا وزغاريد

وصهوة الجواد سياحة الرجال

والغبار عبير ..لأن لا سرير سوى المجد

يا خيبة الموت حين يأتي على الفراش..

ويا خيبة الفارس حين تخور ركبتاه..

ويأتيه عشب الأرض في قارورة..

يا خيبة الخريف من غير عشب

من يعبأ له على الرصيف..

أين تهرب الحروف ..والكلمات..

والأزمات التي لاقتني ..ولم تلاقني

هل معطف لها سوى معطفك..

خبأتها حبات قمح..لموسم قادم

تزرعها على جبيني

يدك أبي ما زالت تبنيني جدارا..

وظلا للنجوم التي تركتها ..

مازال هنا يا أختاه يشحذ دمي

اختلطنا أنا وأنت أيها التالد في

لم أعد أدري أينا الراحل..

فلتعذرني أيها السيد الوالد

أيها الخالد..

أدري أنك أنت من يبنيني جسرا ثامنا

هنا بمدينتي ..وأنت تعبرني إلى المجد..

أدري أن الموت لم يشردك

ولم يقتلك..

كنت مرا لأن لا أحد كتبك..

لا أحد قرءك ..سوى الأرض التي كنت تمشي عليها..

والشيح كان بنكهتك..

مرا ..

وكنت حلو العينين ..واليدين

لكن أي مذاق لعصير دمك..

أشرب أيها الموت ..جرّأته ليشربك..

اشرب لتسقى ..لتشفى ..من دماء كانت كالمياه

ليس فيها رائحة الزعتر..

وتشرب منك الصحف التي تركتها لي والقصائد..

وتركع وترتع الأقلام..لا ترتوي منك لا ترعوي

عنك ..

أحتمي بها كأن ظهرك هنا لم يزفّ..

كنت تمشي بيننا دائرا كالحصن

وتنام فتخرج من ضلعك نخلة تالدة

عن دمعها من حنها

لا تكف..

اليوم أنت بداخلي مدينة لا تنام .

عبد الكريم اليوسفي